الاثنين، 14 مايو 2007

قصة قصيرة لخالد أبو الخير

لعبة علي بابا قصة قصيرة /خالد أبو الخير

--------------------------------------------------------------------------------

لعبة على بابا
لم ينعم بنوم هادئ ليس لضيق الحاضر فهو عنه بعيد ، وليس لضياع المستقبل فلديه من المدخرات ما يسد المستقبل .. لكنه الخوف .. أجل الخوف .. خوف انكشاف مستور الماضى هو الذى قتل النوم فى عينى على بابا .
ينهض من الفراش .. يوقظ زوجته
" ما بك يارجل ؟!! "
يتنهد قائلاً : نحن فى ورطه يا مرجانه ، كل ما حققناه سيتهدم فوق رؤوسنا .
تضرب مرجانه بيدها فوق صدرها وترفس الغطاء وتقول فى فزع : يا ستار .. أية مصيبة تلك ؟!!
ينكس رأسه قائلاً : ذهبت اليوم متخفياً إلى المغارة لكن بابها لم يفتح لى !! برغم أننى صحت ناسياً الحذر ونطقت كلمة السر بأعلى صوتى " افتح يا سمسم " ولم يفتح سمسم ولا أبو سمسم ولا حتى أمه .
لطمت خديها وهى تكتم صرختها : هل سرق الأربعون حرامى كنز المغارة وبدلوا بابها ؟
- تلكم مصيبة .. ولكن الكارثة أن يكون الناس هم الذين اكتشفوا السر وأدركوا أن على بابا الطيب الحنون كان يسرقهم طوال الوقت .
تهرع مرجانه إلى النافذة وحين تأكدت أن الناس لا يحيطون بالمنزل عبئت صدرها بالهواء البارد لتبدد نار ضيقها .. وتقف ذاهلة بينما تسكب عينيها الدموع وقلبها يرتجف وهى ترى بعين الغد أنها عادت مرة أخرى مجرد جاريه تباع فى سوق الرقيق .. أجل .. جارية عجوز يزهد فيها البائع والمشترى ، ولا تجد لها مأوى أو كسرة خبز أو قلباً يرحم ضعفها وهى التى كانت سيدة القرية رغبتها أمر وطلبها قانون .
أما على بابا فقد جلس القرفصاء يروى الأرض تحت قدميه بدموع الندم أن ماذا لو شاورت الناس فى الأمر ؟ ماذا لو شاركونى الكنز بدلاً من خداعهم فالكنز يكفينا جميعاً ؟!! ماذا لو استمعت إليهم كما أنصتوا إلىّ ؟ . أعلم أنهم طيبون لكنهم لن يرحموا شيخوختى بل سيلعنون سيرتى .. يموت أطفالهم جوعاً وبناتهم يلعقن الحرمان وشبانهم يضيعون فى دروب البطالة وأنا أرتع فى أموالهم !! لم أحسب أن يوم الحساب قريب ؟.
انطلق لسانه فى حزم " لابد من الرحيل قبل بزوغ الفجر .. احزمى كل الأمتعة وسأوقظ ولدنا جميل ونعد الراحلة .. وأسرعى .. أسرعى " .
فى خفه يدخل الحجرة المجاورة ويوقظ ولده الذى يغط فى سبات عميق " انهض سنغادر القرية قبل طلوع النهار "
يقوم مفزعاً ويصيح مغضباً " ارحل وحدك إن أردت الرحيل "
ترنح على بابا من هول الكلمة وأمسك بعمود الفراش قبل أن يسقط . جلس جميس على سريره وقد ذهب عنه بعض الغضب وأردف قائلاً " لا شئ يدعونى للفرار "
رد على بابا فى توسل " أتترك أباك يواجه المجهول وحده وأنا الذى أخشى عليك بطش الناس وانتقامهم ؟ "
- أى ناس وأى مجهول إنك تهذى ؟
- يا ولدى لقد انكشف سر المغارة ولم يعد لنا مكان هنا
- هه .. هه .. إن السر معى وحدى
يبتلع ريقه الجاف ويقول فى فرحه ممزوجة بالقلق " معك .. متأكد .. ولكن كيف ؟ "
رد فى ثقة " اجلس يا أبى .. كنت سأطلعك فى الوقت المناسب بما حدث لكنك عجول . ولكن قبل أن أكشف لك الأمر لى شرط "
- أمرك يا ولدى ؟
- أن تتركنى أتصرف كما يروق لى
- ومتى قيدت حريتك ؟!! إن الذى يشغلنى هو مستقبلك من بعدى .
- ما علينا .. المهم . الخلافات مع الأربعين حرامى تم تسويتها فأبقيت منهم من أبقيت وعزلت من عزلت ، وأصبحت كل مفاتيح القوة فى يدى ، ولم يعد سوى سر المغارة كى أجمع كل خيوط اللعبة فأقمت للمغارة باباً جديداً على أحدث طراز يفتح بالكمبيوتر وببصمة صوتى وحدى وجعلت كلمة المرور افتح يا دستور .
خالد أبو الخير

ليست هناك تعليقات: